بَربَره[1] بفتح الباء والرّاء المهملة السّاكنة ثمّ باء ثانية وراءٌ أيضاً وهاء في الآخر
ساكنة ،[2] ،
أو بألف مقصورة في آخرها [3] من
أشهر المُدن الصّوماليّة القديمة الّتي لم يندرس اسمها إلى الآن .
وكان
هذا الاسم يُطلق سابقاً على :
1- أمّة كبيرة وقبائل كثيرة في بلاد المغرب
.
2- أمة في آخر بلاد اليمن بين أرض الحبشة
والزنج – وهي الواقعة في الصّومال حالياً - .
4- وحكى أبو عبد الله الزّهري ، أنّ الاسم
يُطلق على قبيلة من جناوة ، تسكن غربيّ النّيل ، كان منهم أمير غانة ، ويدينون
بالنّصرانيّة .[5]
وهناك
الآن بعض القُرى الّتي تحمل هذا الاسم في فلسطين واليمن .
وقد تكرّر اسم ( بربرة) الصّوماليّة على ألسنة
الرّحالة والجغرافيّين والمؤرّخين المتقدّمين على الصعيدين الإسلامي والغربي ،
لكونها قاعدة رئيسيّة لشعوب المِنطقة – الصّوماليّين - ، وخاصّة المناطق الشماليّة
.
كما
ذاع صيتها منذ عهود قديمة ، وانتشرت مُخرجاتها في البقاع المُجاورة ، وورد ذكرها
في الأشعار الجاهليّة قبل الإسلام ، كقول امرئ القيس واصفاً فرسه في قصيدته الّتي
نظم سبكها حين توجّه إلى قيصر مستنجداً به على ردّ مُلكه إليه والانتقام من بني
أسد [6] :
على
لاحب لا يهتدي بمناره إذا ساقه
العَود النّباطيّ جرجرا
على
كلّ مقصوص الذّنابى معاود بريد السُّرى
باللّيل من خيل بربرا [7]
قال
الأعلم الشنتمري في شرح ديوان امرئ القيس : " وخص خيل بربر لأنها كانت أصلب
الخيل عندهم وأجودها " [8]
وفي
قصيدة أُخرى له :
وبعد
أبي في حصن كندة سيّداً يسود جُموعاً
من جيوش وبربرا
ويغزوا
بأعراب اليمانيين كلّهم له أمرهم حتى
يُحلّ المُشقّرا [9]
ومع
أنّ اسم ( بربرا) يُطلق أيضاً على أُمم أخرى – كما أسلفت الإشارة إليه – إلّا أنّ
الدّالّ على مقصود امرئ القيس نصّان :
أوّلهما
لأبي الحسن ابن سعيد المغربي حيث قال :" وبربرا قاعدة البرابر الّتي ذكر امرؤ
القيس خيلهم ، ورقيقهم مستحسن ، وقد أسلم أكثرهم فلذلك عُدموا في بلاد
الإسلام " [10] ،
ثمّ تكلّم عن نيل مقديشوا وبعض الأماكن الأخرى التابعة لبربرا .
والثاني
لابن خلدون ، قال في تاريخه :" وبربرا قاعدة البرابر الّتي ذكرها امرؤ القيس
في شعره وليسوا من البربر الّذي هم قبائل المغرب .."[11]
وهذا
ما ورد في حاشية ديوان امرئ القيس الصّادر عن دار صادر [12] ،
عند شرحهم البيت السّابق ، قالوا :" بربر أمة بين الحبوش والزّنج وكلّهم من
ولد قيس عيلان "[13] ،
ولم أقف على مصدر المعلومة الأخيرة ، والصّحيح أنّ البربر المنسوبين - عند بعض
المؤرّخين - إلى قيس عيلان هم ساكنوا المغرب غرب النّيل ، كما حكاه المسعودي في
مروجه وشيخ ربوة في نخبته [14]
ولمّا
كان العرب الّذين يرتحلون إلى بربرا لا يفهمون من كلامهم شيئاً أطلقوا عليهم : أهل
البربرة ، والبربرة الكلام السّريع المسموع من غضب قائله [15] .
ويُلاحظ
القارئ للمكتوب عن بربرا أنّ المؤلّفين يختلفون في تحديد ما يُطلق عليه الاسم :
1- فبعضهم ُيطلقه ويقصد مدينة معيّنة في
شرق أفريقيا ، أو في الحبشة – بالمصطلح القديم[16] –
وأواخر اليمن ، انعكس اسمها على سائر المناطق المُجاورة لها ، وأنّها قاعدة
البرابر كابن سعيد المغربي [17] .
2- وآخرون يرومون منه جزيرةً أو بلداً بين
الحبشة والزنج واليمن على ساحل بحر اليمن ، متكوّناً من عدّة مُدن وقُرى ، وهم
الأكثر : كالمسعودي ، والحسن بن يعقوب
الهمداني ، والحموي ، والبيروني ، والإدريسي، وابن خلدون ، والبكري ، والمقريزي ،
وبامخرمة ، وابن سباهي زادة ، ،والحسني ، وغيرهم [18] .
ولعلّ أقدم من ذكر بلاد بربرة (
الصّوماليّة ) من الجغرافيّين المسلمين هو
أبو محمّد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني اليمني (تـ 336 ه )[19]
وبعده مُعاصره الحسين بن علي المسعودي ( تـ 346ه)[20]
خلافاً لما قاله محقّق قسم شمال أفريقيا وبلاد السّودان من كتاب أنس المهج للشّريف
الإدريسي ، من أنّ أوّل من ذكرها محمد بن أحمد المقدسي (تـ381ه) في أحسن التّقاسيم
[21] .
ومن الأوصاف والأخبار الّتي ذكرها
المؤرّخون والجغرافيون عن بلاد بربرة ( الصّوماليّة ) [22] :
-
لون
بشرتهم السّوداء ، ولغتهم الخاصّة بهم.
-
معيشتهم
المبنيّة على صيد الوحوش كالزرافة ، والببرُ ، والكركدن ، والنمر ، والفيل ،
وغيرها .
-
صفة
صيدهم : فقد كان عندهم نوعٌ من النّبت يشبه الخبّاز يجمعونه ويطبخونه ويستخرجون ماءه
ثم يطبخونه حتى ينعقد ويصير كالزفت، فإذا أرادوا اختبار إحكامه جرح أحدهم ساقه فإذا
سال دمه أخذ من ذلك السم قليلا وقرّبه من الدم في آخر سيلانه فإن كان قد أحكم طبخه
تراجع الدم يطلب الجرح فيبادر ويقطعه قبل أن يصل إلى الجرح، فإنه إن دخل في الجرح أهلك
صاحبه، وإن لم يتراجع الدم عاود طبخه إلى أن يرضاه، ثم يجعل منه شيئا في حقّ ويعلقه
في وسطه ويكمن للوحش في شجر أو غيره فإذا رأى الوحش جعل على رأس نصله منه قليلا ثم
يرمي الوحش فحينما يخالط هذا السّمّ دمه يموت، فيجيء إليه فيأخذ جلده أو قرنه أو نابه
فيبيعه ويأكل لحمه فلا يضره [23] .
-
إسلام
أكثر أهلها ، المُوجب لنفاد رقيقهم في بلاد الإسلام [26] ،
وتباينَ قولُهم في وصف رقيقهم - قبل نفاده - : فحكى ابن سعيد المغربي أنّ رقيقهم
كان مُستَحسناً [27]
في حين أورد المقدسي وأقرّه عليه الإدريسي أنّهم كانوا شرّ أجناس الخدم !! .[28]
-
ووصف
الخليج البربري أو بحر بربرا ، وأحوال العمانيين الّذين كانوا يسافرون فيها
المسعودي [31]
، وممّا ذكر أنّ الأزديّين من عرب عمّان كانوا إذا توسّطوا فيه وحفّتهم الأمواج
يرتجزون قائلين :
بربرى وحفوني وموجك المجنون
حفوني وبربرى
وموجها كما ترى
مُلاحظة
: ينبغي التثبّت ، وتدقيق البحث في الأخبار الّتي يحكيها الجغرافيّون عن أهل المنطقة
لأنّ أكثرهم لم يزوروا البلد ، وإنّما اكتفوا بأخبار القادمين إليهم منها كالتجار ،
وهو ما أدّى إلى أن يحمل عليهم بعض متأخّري الجغرافيّين الغربيّين في دراساتهم عن
المنطقة [32]
.
[1] لم أتطرّق إلى ما كتبه
الغربيّون أو الصّينيّون أو غيرهم عن بربرا ، ولعلّي سأكتب عنها شيئاً في حلقات
هذه السّلسلة .
[3] معجم ما استعجم 1/220 ، أوضح
المسالك إلى معرفة البلدان والممالك 197 دار الغرب الإسلامي ، وهكذا وردت في شعر
امرئ القيس المذكور بعده .
[4] المشترك وضعاً والمفترق صقعاً
لياقوت الحموي صـ 41-42 ، وانظر النّسبة إلى المواضع والبلدان صـ 99 ، وتاريخ ابن
خلدون 1/60 ، وقلائد الأجياد فيما اتفق في التسمية من البقاع والبلاد للحسني صـ 64
.
[7] ديوان امرئ القيس ط: دار
المعارف 66 .
[9] ديوان امرئ القيس ط: دار
المعارف 269 .
[13] صـ 96 .
[15] ذكره شيخ ربوة في نخبة الدّهر
صـ218 ، ولنفس السّبب سُمي برابرة المغرب " البربر " ذكره الحسن بن
محمّد الزياتي في كتابه وصف أفريقيا صـ 42 [ ترجمه من الفرنسيّة المترجمة من
الإيطاليّة : عبد الرّحمن حميدة ] ، ونقل عن آخرين سبباً آخر في سبب تسمية برابرة
المغرب بهذا الاسم .
[16] وهذا ما يُفهم من تقعيد أبي
عبد الله الزهري في كتاب الجغرافيا صـ 123 فقد قال : ( .. فما كان من السّودان
وراء النّيل لناحية المشرق فهم الحبشة ، وما كان لناحية المغرب فهم النّوبة
والزّنج وجناوة ) اهـ ، وقول المقدسي في أحسن التقاسيم 242 :" والحبش وراء
زيلع "
[18] مروج الذّهب 1/72 ، معجم
البلدان للحموي 1/ 203 ، المشترك وَضعاً
والمفترق صقعاً للحموي صـ 31-42 ، جنى الأزهار من الرّوض المِعطار للمقريزي صـ 21
، تاريخ ابن خلدون 1/60 ، معجم ما استعجم 1/1/220 ، النّسبة إلى المواضع والبلدان
لبامخرمة صـ 99، أوضح المسالك إلى معرفة البلدان والممالك لزادة صـ198 ، نزهة
المشتاق في اختراق الآفاق 1/43 ، قلائد الأجياد للحسني صـ 64 ، والقانون للبيروني
صـ548 .
[22] ينبغي التثبّت وتدقيق البحث
في الأخبار الّتي يحكيها الجغرافيّون عن أهل المنطقة لأنّ كثيراً منهم لم يزوروا
البلد ، وإنّما اكتفوا باستخبار القادمين منها كالتجار .
[26] الجغرافيا لابن سعيد صـ81
أوضح المسالك لابن سباهي زادة صـ198 ، وذكر فشوّ الإسلام فيهم ابن خلدون في تاريخه
1/60 ، وبامخرمة في النّسبة إلى المواضع والبلدان صـ99.
[27] المصدر السّابق .
[32] انظر مثلاً : سلطنة عمان
وأفريقيا الشّرقيّة ، للأميرال الفرنسي المسيو جيان 96-106 .
من اين لك هذا الكلام المهين متى كان العرب يستعبدون الصوماليين و متى كان الصوماليين خدم للعرب يا جاهل اشك انك مو صومالي توقف عن هذه الترهات التي تتفوه بها يا قليل العلم و البصيرة روح اقراء عن صفات و تاريخ الصوماليين المشرف و اكتب عنهم حسبي الله ونعم الوكيل فيك
ردحذف